فصل: الآية (74)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآيات 70 - 73

أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن كعب رضي الله عنه قال‏:‏ بلغنا أن إبراهيم عليه السلام كان يشرف على سدوم فيقول‏:‏ ويلك يا سدوم يوم مالك، ثم قال ‏{‏ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ‏}‏ نضيج وهو يحسبهم أضيافا ‏{‏فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب‏}‏ قال‏:‏ ولد الولد ‏{‏قالت ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب‏}‏ فقال لها جبريل ‏{‏أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد‏}‏ وكلمهم إبراهيم في أمر قوم لوط إذ كان فيهم إبراهيم قالوا‏:‏ ‏(‏يا إبراهيم أعرض عن هذا‏)‏ ‏(‏سورة هود الآية 76‏)‏ إلى قوله ‏(‏ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم‏)‏ ‏(‏سورة هود الآية 77‏)‏ قال‏:‏ ساءه مكانهم لما رأى منه من الجمال ‏{‏وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب‏}‏ قال‏:‏ يوم سوء من قومي، فذهب بهم إلى منزله، فذهبت امرأته لقومه ‏(‏فجاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال‏:‏ يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم‏)‏ ‏(‏سورة هود الآية 78‏)‏ تزوجوهن ‏(‏أليس منكم رجل رشيد، قالوا‏:‏ لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد‏)‏ ‏(‏سورة هود الآية 79‏)‏ وجعل الأضياف في بيته وقعد على باب البيت ‏(‏قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد‏)‏ ‏(‏سورة هود الآية 80‏)‏ قال‏:‏ إلى عشيرة تمنع، فبلغني أنه لم يبعث بعد لوط عليه السلام رسول إلا في عز من قومه، فلما رأت الرسل ما قد لقي لوط في سيئتهم ‏{‏قالوا يا لوط إنا رسل ربك‏}‏ إنا ملائكة ‏{‏لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك‏}‏ إلى قوله ‏(‏أليس الصبح بقريب‏)‏ ‏(‏سورة هود الآية 81‏)‏‏.‏

فخرج عليهم جبريل عليه السلام، فضرب وجوههم بجناحه ضربة فطمس أعينهم والطمس ذهاب الأعين، ثم احتمل جبريل وجه أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها عليهم ‏{‏وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل‏}‏ قال‏:‏ على أهل بواديهم، وعلى رعاثهم، وعلى مسافرهم فلم يبق منهم أحد‏.‏وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لما رأى إبراهيم أنه لا تصل إلى العجل أيديهم نكرهم وخافهم، وإنما كان خوف إبراهيم أنهم كانوا في ذلك الزمان إذا هم أحدهم بأمر سوء لم يأكل عنده يقول‏:‏ إذا أكرمت بطعامه حرم علي أذاه، فخاف إبراهيم أن يريدوا به سوءا، فاضطربت مفاصله، وامرأته سارة قائمة تخدمهم وكان إذا أراد أن يكرم أضيافه أقام سارة لتخدمهم، فضحكت سارة وإنما ضحكت أنها قالت‏:‏ يا إبراهيم وما تخاف إنهم ثلاثة نفر وأنت وأهلك وغلمانك‏؟‏ قال لها جبريل‏:‏ أيتها الضاحكة أما أنك ستلدين غلاما يقال له إسحاق، ومن ورائه غلام يقال له يعقوب ‏{‏فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها‏}‏ فأقبلت والهة تقول‏:‏ واويلتاه‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ ووضعت يدها على وجهها استحياء‏.‏ فذلك قوله ‏{‏فصكت وجهها وقالت أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا‏}‏ قال‏:‏ لما بشر إبراهيم بقول الله ‏{‏فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى‏}‏ بإسحاق ‏{‏يجادلنا في قوم لوط‏}‏ وإنما كان جداله أنه قال‏:‏ يا جبريل أين تريدون، وإلى من بعثتم‏؟‏ قال‏:‏ إلى قوم لوط وقد أمرنا بعذابهم‏.‏ فقال إبراهيم ‏(‏إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته‏)‏ ‏(‏العنكبوت الآية 32‏)‏ وكانت فيما زعموا تسمى والقة فقال إبراهيم‏:‏ إن كان فيهم مائة مؤمن تعذبونهم‏؟‏ قال جبريل‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فإن كان فيهم تسعون مؤمنون تعذبونهم‏؟‏ قال جبريل‏:‏ لا، قال‏:‏ فإن كان فيهم ثمانون مؤمنون تعذبونهم‏؟‏ قال جبريل‏:‏ لا، حتى انتهى في العدد إلى واحد مؤمن‏؟‏ قال جبريل‏:‏ لا، فلما لم يذكروا لإبراهيم أن فيها مؤمنا واحدا قال‏:‏ ‏(‏إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته‏)‏ ‏(‏العنكبوت الآية 32‏)‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن وهب بن منبه رضي الله عنه‏.‏ أن إبراهيم عليه السلام حين أخرجه قومه بعدما ألقوه في النار خرج بامرأته سارة ومعه أخوها لوط وهما ابنا أخيه، فتوجها إلى أرض الشام ثم بلغوا مصر، وكانت سارة رضي الله عنها من أجمل الناس، فلما دخلت مصر تحدث الناس بجمالها وعجبوا له حتى بلغ ذلك الملك، فدعا ببعلها وسأله ما هو منها فخاف إن قال له زوجها أن يقتله، فقال‏:‏ أنا أخوها‏.‏ فقال‏:‏ زوجينها‏.‏ فكان على ذلك حتى بات ليلة، فجاءه حلم فخنقه وخوفه، فكان هو وأهله في خوف وهول حتى علم أنه قد أتى من قبلها، فدعا إبراهيم فقال‏:‏ ما حملك على أن تغرني زعمت أنها أختك‏؟‏ فقال‏:‏ إني خفت إن ذكرت أنها زوجتي أن يصيبني منك ما أكره، فوهب لها هاجر أم إسمعيل وحملهم وجهزهم حتى استقر قرارهم على جبل ايليا، فكانوا بها حتى كثرت أموالهم ومعايشهم، فكان بين رعاء إبراهيم ورعاء لوط جوار وقتال‏:‏ فقال لوط لإبراهيم‏:‏ إن هؤلاء الرعاء قد فسد ما بينهم وكانت تضيق فيهم المراعي، ونخاف أن لا تحملنا هذه الأرض فإن أحببت أن أخف عنك خففت‏.‏ قال إبراهيم‏:‏ ما شئت إن شئت فانتقل منها وإن شئت انتقلت منك‏.‏ قال لوط عليه السلام‏:‏ لا بل أنا أحق أن أخف عنك‏.‏ ففر بأهله وماله إلى سهل الأردن، فكان بها حتى أغار عليه أهل فلسطين فسبوا أهله وماله‏.‏

فبلغ ذلك إبراهيم عليه السلام فأغار عليهم بما كان عنده من أهله ورقيقه، وكان عددهم زيادة على ثلاثمائة من كان مع إبراهيم، فاستنقذ من أهل فلسطين من كان معهم من أهل لوط حتى ردهم إلى قرارهم، ثم انصرف إبراهيم إلى مكانه وكان أهل سدوم الذين فيهم لوط قوم قد استغنوا عن النساء بالرجال، فلما رأى الله كان عند ذلك بعث الملائكة ليعذبوهم، فأتوا إبراهيم فلما رآهم راعه هيئتهم وجمالهم فسلموا عليه وجلسوا إليه، فقام ليقرب إليهم قرى فقالوا‏:‏ مكانك‏.‏ قال‏:‏ بل دعوني آتيكم بما ينبغي لكم فإن لكم حقا لم يأتنا أحد أحق بالكرامة منكم، فأمر بعجل سمين فحنذ له - يعني شوي لهم - فقرب إليهم الطعام ‏{‏فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة‏}‏ وسارة رضي الله عنها وراء الباب تسمع ‏{‏قالوا لا تخف إنا نبشرك بغلام حليم‏}‏ مبارك فبشر به امرأته سارة فضحكت وعجبت كيف يكون له مني ولد وأنا عجوز وهذا شيخ كبير‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏

قالوا أتعجبين من أمر الله‏}‏ فإنه قادر على ما يشاء، وقد وهبه الله لكم فأبشروا به‏.‏ فقاموا وقام معهم إبراهيم عليه السلام فمشوا معا، وسألهم قال‏:‏ أخبروني لم بعثتم وما دخل بكم‏؟‏ قالوا‏:‏ إنا أرسلنا إلى أهل سدوم لندمرها فإنهم قوم سوء وقد استغنوا بالرجال عن النساء‏.‏ قال إبراهيم‏:‏ إن فيها قوما صالحين فكيف يصيبهم من العذاب ما يصيب أهل عمل السوء‏؟‏ قالوا‏:‏ وكم فيها‏؟‏ قال‏:‏ أرأيتم إن كان فيها خمسون رجلا صالحا‏.‏ قالوا‏:‏ إذن لا نعذبهم‏.‏ قال‏:‏ إن كان فيهم أربعون‏؟‏ قالوا‏:‏ إذن لا نعذبهم‏.‏ فلم يزل ينقص حتى بلغ إلى عشرة، ثم قال‏:‏ فأهل بيت‏؟‏ قالوا‏:‏ فإن كان فيها بيت صالح‏.‏ قال‏:‏ فلوط وأهل بيته‏؟‏ قالوا‏:‏ إن امرأته هواها معهم فكيف يصرف عن أهل قرية لم يتم فيها أهل بيت صالحين‏.‏

فلما يئس منهم إبراهيم عليه السلام انصرف وذهبوا إلى أهل سدوم، فدخلوا على لوط عليه السلام، فلما رأتهم امرأته أعجبها هيئتهم وجمالهم، فأرسلت إلى أهل القرية أنه قد نزل بنا قوم لم ير قط أحسن منهم ولا أجمل‏.‏ فتسامعوا بذلك فغشوا دار لوط من كل ناحية وتسوروا عليهم الجدران، فلقيهم لوط عليه السلام فقال‏:‏ يا قوم لا تفضحوني في بيتي وأنا أزوجكم بناتي فهن أطهر لكم‏.‏ قالوا‏:‏ لو كنا نريد بناتك لقد عرفنا مكانك ولكن لا بد لنا من هؤلاء القوم الذين نزلوا بك فخل بيننا وبينهم وأسلم منا، فضاق به الأمر ‏{‏فقال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد‏}‏ فوجد عليه الرسل في هذه الكلمة فقالوا‏:‏ إن ركنك لشديد، وإنهم آتيهم عذاب غير مردود، ومسح أحدهم أعينهم بجناحه فطمس أبصارهم فقالوا‏:‏ سحرنا انصرف بنا حتى ترجع إليهم تغشاهم الليل، فكان من أمرهم ما قص الله في القرآن، فأدخل ميكائيل وهو صاحب العذاب جناحه حتى بلغ أسفل الأرض، ثم حمل قراهم فقلبها عليهم، ونزلت حجارة من السماء فتتبعت من لم يكن منهم في القرية حيث كانوا، فأهلكهم الله تعالى ونجا لوط وأهله إلا امرأته‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد البصري رضي الله عنه في قوله ‏{‏فلما رأى أيديهم لا تصل إليه‏}‏ قال‏:‏ لم ير لهم أيديا فنكرهم‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏نكرهم‏}‏ الآية قال‏:‏ كانوا إذا نزل بهم ضيف فلم يأكل من طعامهم ظنوا أنه لم يأت بخير وأنه يحدث نفسه بشر، ثم حدثوه عند ذلك بما جاءوا فيه فضحكت امرأته‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عمرو بن دينار رضي الله عنه قال‏:‏ لما تضيفت الملائكة عليهم السلام إبراهيم عليه السلام قدم لهم العجل فقالوا‏:‏ لا نأكله إلا بثمن‏.‏ قال‏:‏ فكلوا وأدوا ثمنه‏.‏ قالوا‏:‏ وما ثمنه‏؟‏ قال‏:‏ تسمون الله إذا أكلتم وتحمدونه إذا فرغتم‏.‏ قال‏:‏ فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا‏:‏ لهذا اتخذك الله خليلا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي قال‏:‏ لما بعث الله الملائكة عليهم السلام لتهلك قوم لوط أقبلت تمشي في صورة رجال شباب حتى نزلوا على إبراهيم السلام فضيفوه، فلما رآهم أجلهم فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فذبحه ثم شواه في الرضف، فهو الحنيذ وأتاهم فقعد معهم، وقامت سارة رضي الله عنها تخدمهم، فذلك حين يقول ‏{‏وامرأته قائمة‏}‏ وهو جالس في قراءة ابن مسعود ‏{‏فلما قربه إليهم قال ألا تأكلون‏}‏‏؟‏ قالوا‏:‏ يا إبراهيم إنا لا نأكل طعاما إلا بثمن‏.‏ قال‏:‏ فإن لهذا ثمنا‏.‏ قالوا‏:‏ وما ثمنه‏؟‏ قال‏:‏ تذكرون اسم الله على أوله وتحمدونه على آخره‏.‏ فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال‏:‏ حق لهذا أن يتخذه ربه خليلا‏.‏ فلما رأى إبراهيم أيديهم لا تصل إليه يقول‏:‏ لا يأكلون، فزع منهم وأوجس منهم خيفة، فلما نظرت إليه سارة أنه قد أكرمهم وقامت هي تخدمهم ضحكت، وقالت‏:‏ عجبا لأضيافنا هؤلاء إنا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم وهم لا يأكلون طعامنا‏.‏‏!‏ قال لها جبريل‏:‏ أبشري بولد اسمه إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب‏.‏ فضربت وجهها عجبا فذلك قوله ‏{‏فصكت وجهها وقالت أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب، قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد‏}‏ قال سارة رضي الله عنها‏:‏ ما آية ذلك‏؟‏ فأخذ بيده عودا يابسا فلواه بين أصابعه فاهتز أخضر‏.‏ فقال إبراهيم عليه السلام‏:‏ هو لله إذن ذبيحا‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن المغيرة رضي الله عنه قال‏:‏ في مصحف ابن مسعود ‏"‏وامرأته قائمة وهو جالس‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏وامرأته قائمة‏}‏ قال‏:‏ في خدمة أضياف إبراهيم عليه السلام‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ لما أوجس إبراهيم خيفة في نفسه حدثوه عند ذلك بما جاءوا فيه، فضحكت امرأته تعجبا مما فيه قوم لوط من الغفلى ومما أتاهم من العذاب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏فضحكت‏}‏ قال‏:‏ فحاضت وهي بنت ثمان وتسعين سنة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏فضحكت‏}‏ قال‏:‏ حاضت وكانت ابنة بضع وتسعين سنة، وكان إبراهيم عليه السلام ابن مائة سنة‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ‏{‏فضحكت‏}‏ قال‏:‏ حاضت‏.‏ قال الشاعر‏:‏

إني لأتي العرس عند طهورها * وأهجرها يوما إذا هي ضاحك

وأخرج ابن عساكر عن الضحاك رضي الله عنه قال‏:‏ كان اسم سارة يسارة فلما قال لها جبريل عليه السلام‏:‏ يا سارة‏.‏ قالت‏:‏ إن اسمي يسارة فكيف تسمينني سارة‏؟‏ قال الضحاك‏:‏ يسارة العاقر التي لا تلد، وسارة الطالق الرحم التي تلد‏.‏ فقال لها جبريل عليه السلام‏:‏ كنت يسارة لا تحملين فصرت سارة تحملين الولد وترضعينه‏.‏ فقالت سارة رضي الله عنها‏:‏ يا جبريل نقصت اسمي قال جبريل‏:‏ إن الله قد وعدك بأن يجعل هذا الحرف في اسم ولد من ولدك في آخر الزمان، وذلك إن اسمه عند الله حي فسماه يحيى‏.‏

وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ كان حسن سارة رضي الله عنها حسن حواء عليها السلام‏.‏

وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن سارة بنت ملك من الملوك، وكانت قد أوتيت حسنا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏فبشرناها بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب‏}‏ قال‏:‏ هو ولد الولد‏.‏

وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء عن حسان بن أبحر قال‏:‏ كنت عند ابن عباس، فجاءه رجل من هذيل فقال له ابن عباس‏:‏ ما فعل فلان‏؟‏ قال‏:‏ مات، وترك أربعة من الولد وثلاثة من الوراء‏.‏ فقال ابن عباس‏:‏ ‏{‏فبشرناها بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب‏}‏ قال‏:‏ ولد الولد‏.‏

وأخرج ابن الأنباري عن الشعبي رضي الله عنه في قوله ‏{‏ومن وراء إسحق يعقوب‏}‏ قال‏:‏ ولد الولد‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ضمرة بن حبيب‏.‏ أن سارة لما بشرها الرسل بإسحق قال‏:‏ بينا هي تمشي وتحدثهم حين أتت بالحيضة، فحاضت قبل أن تحمل بإسحق، فكان من قولها للرسل حين بشروها‏:‏ قد كنت شابة وكان إبراهيم شابا فلم أحبل فحين كبرت وكبر أألد‏؟‏ قالوا‏:‏ أتعجبين من ذلك يا سارة، فإن الله قد صنع بكم ما هو أعظم من ذلك، إن الله قد جعل رحمته وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد‏.‏

وأخرج ابن الأنباري وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا‏}‏ قال‏:‏ وهي يومئذ ابنة سبعين، وهو يومئذ ابن تسعين سنة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله ‏{‏بعلي‏}‏ قال‏:‏ زوجي‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن ضرار بن مرة عن شيخ من أهل المسجد قال‏:‏ بشر إبراهيم بعد سبع عشرة ومائة سنة‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ الآيات 70 - 73‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن زيد بن علي رضي الله عنه قال‏:‏ قالت سارة رضي الله عنها لما بشرتها الملائكة عليهم السلام ‏{‏يا ويلتاه أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب‏}‏ فقالت الملائكة ترد على سارة ‏{‏أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد‏}‏ قال‏:‏ فهو كقوله ‏(‏وجعلها كلمة باقية في عقبه‏)‏ ‏(‏الزخرف الآية 28‏)‏ بمحمد صلى الله عليه وسلم وآله من عقب إبراهيم‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه في قوله ‏{‏رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد‏}‏ قال‏:‏ كنت عند ابن عباس إذ جاءه رجل فسلم عليه، فقلت‏:‏ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته‏.‏ فقال ابن عباس‏:‏ انته إلى ما انتهيت إليه الملائكة، ثم تلا ‏{‏رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت‏}‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن سائلا قام على الباب وهو عند ميمونة رضي الله عنها فقال‏:‏ السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته وصلواته ومغفرته، فقال ابن عباس‏:‏ انتهوا بالتحية إلى ما قال الله ‏{‏ورحمة الله وبركاته‏}‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في الشعب عن عطاء قال‏:‏ كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما، فجاء سائلا فقال‏:‏ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته وصلواته‏.‏ فقال ابن عباس‏:‏ ما هذا السلام، وغضب حتى احمرت وجنتاه، إن الله حد للسلام حدا ثم انتهى ونهى عما وراء ذلك، ثم قرأ ‏{‏رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد‏}‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما‏.‏ أن رجلا قال له‏:‏ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته‏.‏ فانتهره ابن عمر وقال‏:‏ حسبك إذا انتهيت إلى وبركاته إلى ما قال الله‏.‏

 الآية 74

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى‏}‏ قال‏:‏ الغرق ‏{‏يجادلنا في قوم لوط‏}‏ قال‏:‏ يخاصمنا‏.‏

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏فلما ذهب عن إبراهيم الروع‏}‏ قال‏:‏ الخوف ‏{‏وجاءته البشرى‏}‏ بإسحق‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وأبو الشيخ عن قتادة ‏{‏وجاءته البشرى‏}‏ قال‏:‏ حين أخبروه أنهم أرسلوا إلى قوم لوط وأنهم ليسوا إياه يريدون ‏{‏يجادلنا في قوم لوط‏}‏ قال‏:‏ إنه قال لهم يومئذ‏:‏ أرأيتم إن كان فيهم خمسون من المسلمين‏؟‏ قالوا‏:‏ إن كان فيها خمسون لم نعذبهم‏.‏ قال‏:‏ أربعون‏؟‏ قالوا‏:‏ وأربعون‏.‏ قال‏:‏ ثلاثون‏؟‏ قالوا‏:‏ وثلاثون حتى بلغ عشرة قالوا‏:‏ وإن كان فيها عشرة‏؟‏ قال‏:‏ ما قوم لا يكون فيهم عشرة فيهم خير‏.‏ قال قتادة‏:‏ إنه كان في قرية لوط أربعة آلاف، ألف إنسان أو ما شاء الله من ذلك‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ‏{‏يجادلنا في قوم لوط‏}‏ قال‏:‏ لما جاء جبريل ومن معه إلى إبراهيم عليه السلام، وأخبره أنه مهلك قوم لوط قال‏:‏ أتهلك قرية فيها أربعمائة مؤمن‏؟‏ قال‏:‏لا‏.‏ قال‏:‏ ثلثمائة مؤمن‏؟‏ قال‏:‏لا‏.‏ قال‏:‏ فمائتا مؤمن‏؟‏ قال‏:‏لا‏.‏ قال‏:‏ فمائة‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏قال‏:‏ فخمسون مؤمنا‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فأربعون مؤمنا‏؟‏ قال‏:‏لا‏.‏ قال‏:‏ فأربعة عشر مؤمنا‏؟‏ قال‏:‏لا‏.‏ وظن إبراهيم أنهم أربعة عشر بامرأة لوط، وكان فيها ثلاثة عشر مؤمنا وقد عرف ذلك جبريل‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لما جاءت الملائكة إلى إبراهيم قالوا لإبراهيم‏:‏ إن كان فيها خمسة يصلون رفع عنهم العذاب‏.‏

 الآية 75 - 76

أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ الحلم يجمع لصاحبه شرف الدنيا والآخرة، ألم تسمع الله وصف نبيه صلى الله عليه وسلم بالحلم فقال ‏{‏إن إبراهيم لحليم أواه منيب‏}‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن ضمرة رضي الله عنه قال‏:‏ الحلم أرفع من العقل، لأن الله عز وجل تسمى به‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه قال‏:‏ الأواه الرحيم، والحليم الشيخ‏.‏

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن رضي الله عنه في قوله ‏{‏إن إبراهيم لحليم أواه منيب‏}‏ قال‏:‏ كان إذا قال‏:‏ قال الله، وإذا عمل عمل لله، وإذا نوى نوى لله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ المنيب المقبل إلى طاعة الله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال‏:‏ المنيب إلى الله المطيع لله الذي أناب إلى طاعة الله وأمره، ورجع إلى الأمور التي كان عليها قبل ذلك‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ المنيب المخلص في عمله لله عز وجل‏.‏